Thursday 09,May,2024 20:59

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

ماهر عباس والعدالة المفقودة في محاكم البحرين

د.طالب الشايب: البحرين من الدول التي تلجأ إلى إصدار حكم الإعدام ولكن بحقّ من يحكم قضاؤها بأنّهم مجرمون، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ القضاء البحرينيّ مسيّس بامتياز

د.طالب الشايب*

الإعدام هو حكم قضائي بالموت قِصاصًا على اقتراف جريمة كبرى، وعند الحديث عنه يتبادر مباشرة إلى أذهاننا وجود مجرم قاتل يستحق هذه العقوبة، فالإعدام هو تصفية شخص ما بغض النظر عن الوسيلة: شنقاً، تسميم البدن بحقنة، رمياً بالرصاص، إلخ… ،أي إبعاده واستئصاله نهائياً من المجتمع من ناحية، ومن ناحية أخرى إيصال رسالة صريحة للمجرمين بأنّهم ليسوا بمنأى عن هذه العقوبة في أي لحظة ما إن يتمّ القبض عليهم كجُناة في جريمة ما.

تنقسم دول العالم ما بين مؤيّد لحكم الإعدام ومعارض له، فالصين والولايات المتحدة والهند من الدول التي تطبّق عقوبة الإعدام، في مقابل الدول الأوروبيّة التي يحكمها ميثاق الحقوق الأوروبي الذي يعتبر الإعدام انتهاكاً لكرامة البشر، وبعض الدول العربيّة والإسلاميّة التي ترفضها وتمنعها. ويبقى الجدل قائماً في كثير من المجتمعات حول تطبيق هذا الحكم.

فالبحرين من الدول التي تلجأ إلى إصدار حكم الإعدام ولكن بحقّ من يحكم قضاؤها بأنّهم مجرمون، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ القضاء البحرينيّ مسيّس بامتياز، وغير عادل وبالخصوص على المعتقلين السياسيين، فكما أصدر قبل عامين تقريباً، حكماً بالإعدام على عدد من المواطنين الذين تمّ اتهامهم بقتل شرطيّ، يصدر اليوم ومن جديد، ومع انطلاقة عام التسويات المزعمة التي يدّعيها سلمان بن حمد آل خليفة، حكماً آخر بالإعدام على المواطن ماهر عباس وهو أحد المعتقلين السياسيين، مبنياً على اعترافاتٍ انتزعت تحت سياط التعذيب في السجون.

من هنا يلفتنا امتناع الرموز السياسيّة والحقوقيين عن المثول أمام القضاء البحرينيّ بين الحين والآخر، ولا يتّضح لنا سبب هذا إلا عند قراءة الأوضاع البحرينيّة عن قرب، فندرك أنّ ذلك يعود لأمر مهم جداً يمنعهم من حضور المحاكم ألا وهوإبداء رأيهم بصراحة والتعبير عن رفضهم لقضاء غير عادل.

فالقضاء في البحرين لا يطبّق الأوامر الإلهيّة الواردة في موضوع الأحكام بين الناس، في القرآن الكريم: ((إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ))، فهو يدار ويتلقى أوامره من الملك الديكتاتور حمد مباشرة، ولا يتمتّع بالاستقلاليّة، لذا من الطبيعيّ أن تأتي الأحكام قاسية، بل وقاسية جداً، على من يعارض سياسة النظام وإن كان بريئاً، في مقابل تبرئة الموالين له والمؤيدين لسياسته وإن كانوا متورطين فعلاً بعمليات تعذيب مواطنين وقتل أبرياء.

فالسلطة تعتبر القضاء ورقة رابحة في مشروعها كسر إرادة الشعب، فهي تعمد إلى ترويع المعارضين لسياستها بشتى أنواع الطرق: الاعتقال، أساليب أخرى كالقمع الممنهج والاستعراضات العسكريّة إضافة إلى الفصل من الأعمال، وإصدار أحكام تصل للمؤبد والإعدام، مع علمها أنّ هذا رهان خاسر ولكنّها لا زالت متمسّكة به، في حين أنّ صمود أحرار الوطن أمام هذا الظلم يجعل النظام في مأزق حقيقي لانّه يعجز عن إخضاع الشعب وفرض هيمنته، بأيّة طريقة من الطرق، فابتسامة تنير وجه حرّ من الأحرار بعد سماع الأحكام غير العادلة تنسف نفسيّة النظام نسفاً، ورفع علامة الصمود تؤكد على قُرب النصر.

إذن حين تكون المحاكم غير عادلة ولا تتميّز بالاستقلاليّة، وتكون القرارات الصادرة عن القضاء غير حياديّة وخاضعة لنفوذ الحكومة أو متماشية مع مصالحها الخاصّة، تخرق مبادئ حقوق الإنسان، فاستقلال القضاء أمر لا خلاف فيه وهذا ما نصت عليه مبادئ حقوق الإنسان واحترام الحريّات الأساسية دون تمييز، فكما يوجد عهد دوليّ خاص بالحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافية، يوجد أيضاً حقوق مدنيّة وسياسيّة يجب مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار. لكنّ في البحرين مسألة اللاعدل واضحة كوضوح الشمس، وهذا ما أثبتته التجارب في الواقع خلال ثلاث سنوات من الثورة.

من المهم جداً ترسيخ مبدأ استقلاليّة القضاء الذي تضمّنته النصوص الدستوريّة والقانونيّة لحفظ الحريات والحقوق المرتبطة بعموم الشعب أجمع، حتى يضمن الإنسان حقوقه وكرامته.

*ناشط حقوقي مقيم في لندن


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014113342


المواضیع ذات الصلة


  • الشهيد أحمد اسماعيل.. «ما لم توثّقه العدسة»
  • الكمائن المفضوحة للن­ظام في محاكمة الشيخ عيسى أحمد قاسم.. سمٌ وعسل!!
  • فورمولا الدم من جديد… سباق في ضيافةِ مستبدّ..
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *