Thursday 09,May,2024 07:41

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

عفواً أيّها الملك.. أين قانون عدم "إهانة الذات الشعبية"؟!

هاني بدوي: مجموعة من الاسئلة أطرحها على الملك وأتمنى أن يجيب عليها حتى أستطيع تمجيده كما يطلب وكما حدّده هذا القانون، وعفوا.. أسئلتي ليست إهانة للملك..!

هاني بدوي*

انتبه ياشعب البحرين حين تتكلّم وتتحدث، احذف من قاموسك اللغوي كلمة “ملك” حتى لا تقع تحت طائلة قانون “الإساءة إلى الملك”.

من اللافت للنظر تزايد عدد الأحكام القضائية الأخيرة التي صدرت بحقّ متّهمين ناشطين وسياسيين وصحفيين؛ منهم: الكاتب “عباس ميرزا المرشد”، والدكتور سعيد السماهيجي استشاري العيون والناشطة الحقوقية ” زينب الخواجة” ، وعددٌ من الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بالإضافة إلى حوالي 30 قضية عرضت على المحاكم خلال العام 2013 وثّقها “مركز البحرين لحقوق الإنسان” والكل بتهمة واحدة، وهي: الإساءة إلى الذات الملكيّة أو إهانة الملك حتى أصبح هذا القانون تهمة جاهزة للنيل من المعارضين الذين يدلون بآرائهم في محافل عامة.

فهل حمد بن عيسى لديه الحق في إصدار قانون يحظر إهانته، تستخدمه السلطات الشرطيّة والقضائيّة ضدّ المواطنين الرافضين للظلم والديكتاتورية والمطالبين بالحرية والديمقراطية؟

ما أسباب شرّوع هذا القانون؟ هل ليكون سوط عذاب لمحبي هذا الوطن والمطالبين بإصلاحات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة وتحقيق الوحدة الوطنيّة وعدم التمييز بين الطوائف ؟ ام ان هذا القانون وضع لحماية الملك من المحاسبة عن الانتهاكات والممارسات وأعمال القمع الشرطيّة ضدّ الشعب البحريني الباحث عن الإصلاح ومكافحة الفساد المالي والإداري والسياسيّ؟ أم وضعته السلطة ليكون “بعبعاً” تحاول السلطة والنظام الخليفي من خلاله حماية عرش الملك الذي أصبح قريباً من السقوط بعد ثورة فبراير 2011 المجيدة وأن النظام يستخدم الأساليب البوليسية القمعية في التعاطي مع المواطنين، واستغلال الصلاحيات والسلطة من أجل الانتقام من المعارضين وحماية النظام القمعي من الصحوة الشعبية والحراك السياسي الذي لم يعد يهاب هذه القوانين العرجاء.

فشعب البحرين الحرّ لا يريد إسقاط حكم آل خليفة كحكم عائليّ، بل يريد إسقاط الظلم الذي يمارسونه من سلطتهم، فهو يريد دولة مساواة قائمة على العدل والديمقراطية بما يحافظ على مكتسبات ثورة فبراير، وليس كما يدّعي الموالون للنظام ووسائل الإعلام الحكوميّة بأنّه يريد إسقاط النظام تطبيقاً لأجندات خارجيّة.

هذا القانون يحتوي على ثلاث ثغرات: الأولى غموضه: فنص القانون هو “فرض عقوبة السجن على أي شخص يسيء لحاكم البلاد” ما هي الإهانة الموجهة إلى الملك؟ وهل أنّ خطابًا ينتقد معالجته لشؤون الناس ويدين انتهاكاته لحقوق الإنسان وينتقد فشله في تنحية عمه رئيس الوزراء هو “إساءة” له؟ فليس من العدل أن يسجن الناس عندما لا تكون حدود النقد المقبول معروفة في الحقيقة لديهم.

ثانيًا: هذا القانون ينتهك حقوق حريّة التعبير التي وافقت البحرين على حمايتها بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة.

ثالثا المشكلة العملية لهذا القانون: البحرين في أزمة سياسيّة لا تنتهي إلا بمفاوضات بين الجماعات السياسية التي تمثل الشعب، وهم الأغلبية الشيعيّة، وبين العائلة المالكة، ولن تنتهي هذه الأزمة بالقوة، أو بسجن المنتقدين للقبيلة، أو بتمرير القوانين التي تسجن الناس بتهمة “الإساءة إلى الملك”.

في الواقع هذا النوع من الإجراءات التي تتخذها الحكومة يفاقم الانقسامات والتوترات التي في الواقع تزداد سوءًا في البحرين، فاحترام الملك لن يتحقق بإصدار قوانين جديدة تطالب باحترام الملك، ولكن احترامه يكون من خلال الإجراءات التي يتّخذها لحلّ الأزمة في البحرين واحترام حقوق جميع المواطنين.الملك ليس آلهة يمجّد وليس ملاكاً لا يخطئ، إنما هو من البشر، قد يخطئ ويصيب.

حماية النظام بالقوانين الجائرة والقمع ومحاولة إسكات ألسنة الناس عن رفض الخطأ لا يكون بالقوّة، إنما بالحوار الصادق والعادل القائم على المكاشفة والمصارحة، وهو ما تدعو له قوى المعارضة الوطنيّة لإخراج الدولة من أزمتها السياسيّة، في حين استمرار الملك بعنجهيّته واستخفافه بهذه المحاولات.

يجب على الملك ونظامه الاستماع إلى مطالب الشعب وعدم تكميم الأفواه تحت شعار “إهانة الذات الملكيّة” فالحراك السياسيّ مستمر والشعب أصبح في صحوة بعد ثورته المجيدة فلن يصمت المواطن بعد ذلك عن الظلم أو الإهانة له.

فإذا كان للملك قانون يحميه من الإهانة فأين القانون الذي يحمي ذات الشعب من الانتهاكات والممارسات التي يتعرّض لها من قبل السلطة كلّ يوم؟

مجموعة من الاسئلة أطرحها على الملك وأتمنى أن يجيب عليها حتى أستطيع تمجيده كما يطلب وكما حدّده هذا القانون، وعفوا.. أسئلتي ليست إهانة للملك..!

* صحفي مصري


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014040119


المواضیع ذات الصلة


  • الشهيد أحمد اسماعيل.. «ما لم توثّقه العدسة»
  • الكمائن المفضوحة للن­ظام في محاكمة الشيخ عيسى أحمد قاسم.. سمٌ وعسل!!
  • فورمولا الدم من جديد… سباق في ضيافةِ مستبدّ..
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *