Tuesday 30,Apr,2024 15:04

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

«الدروس العشرة» من خطاب الوصيّة لـ«عبّاس السميع»

منامة بوست (خاص): شاهد الآلاف يوم أمس مقطع الفيديو الذي سجّله عباس السميع من داخل المعتقل، وهو يدلي بوصيّته بعد الحكم عليه بالإعدام، مقطعٌ لا يتجاوز التسع دقائق، قال فيه عبّاس ما أراد أن

منامة بوست (خاص): شاهد الآلاف يوم أمس مقطع الفيديو الذي سجّله عباس السميع من داخل المعتقل، وهو يدلي بوصيّته بعد الحكم عليه بالإعدام، مقطعٌ لا يتجاوز التسع دقائق، قال فيه عبّاس ما أراد أن يقوله كلُّ الناس، لكنّ الفرق أنّه قاله في عقر دار الأمن، في سجنٍ سيِّئ الصيت، وفي قبضة الغزاة الذين صادروا حقّ الناس في التعبير، وصادروا قبل ذلك حقّهم في العيش الكريم.

الخصيصةُ المُهمّة في «وصيّة عبّاس السميع» ليست تلك الشجاعة التي نضحت بها قريحتُه فألهمت الكثير، وإن كانت هذه الشجاعة أمرًا لا يمكن تجاوزه بتاتًا، ولا يمكن إغفاله أبدًا، لكن الخصيصةُ المُهمّة هي «ترميزاتُ» الوصيّة، والتي تتلخّصُ في التالي:

أوّلًا: قال عبّاس للأمن بكلّ شُعَبِهِ – المعروفة وغير المعروفة- إنّ جهازكم قد أُبطل مفعوله وانتفى أثرُه.

ثانيًا: أراد من وصيّته أن يزرع ألف عبّاسٍ مثله، وعليه فقد أبطل مفعول جهاز القضاء أيضًا.

ثالثًا: سدّ الأبواب أمام «خيارات السياسة المحسوبة» للذهاب لأيِّ تسويّةٍ مع النظام الخليفيّ.

رابعًا: شجّع كلّ فئات المجتمع على الاستمرار في طريق النضال، ما يعني – عمليًّا- أنّه وضّح مسؤوليّات الفئات المذكورة في الوصيّة، رغم سياقها «التفخيميّ» الذي بثّه، كخطابه للعلماء والنساء وآباء وأمّهات الشهداء والشباب.

خامسًا: إنّ عباس وضّح للجلّادين – من خلال مخاطبتهم وهو وهو في قبضتهم- أنّ الإرهاب الذي يخلقونه في طوامير التعذيب لهدفٍ مُحدّدٍ وهو «الإخضاع»، قد غدا مقلوبًا رأسًا على عقِب، وأنّ التضحيات «قد جاءت من قناعةٍ راسخة» مفادُها: كرامةُ الإنسان تساوي كُلّ شيء.

سادسًا: أعطى درسًا للمعتقلين بعدم الاستسلام.

سابعًا: غيّر مفهوم «الرمزيّة»؛ فبينما كانت – أي الرمزيّة- مقتصرةً على من لهم تاريخٌ طويلٌ في العمل الدينيّ أو السياسيّ، وعلى أصحاب الشهرةٌ العالية والجمهور الواسع، صارت هذه الرمزيّةُ تُعطى بقدر العطاء، وهكذا صار «عبّاس» رمزًا للتضحية.

ثامنًا: افتخاره بعائلته المُضحّية، أعطى زخمًا للعوائل المُضحّية الأخرى، وأعطى العوائل الصامتة جرس تحذيرٍ من محاكمة التاريخ.

تاسعًا: ربط التضحية بالابتلاء الإلهيّ، الذي لا بُدّ وأن يقابله المؤمن بربه وبقضيّته على وجه الرضا.

عاشرًا: أراد عبّاس أن يوصل رسالةً مفادُها: أنّ المجتمع الدوليّ ومنظّماته لا فائدة منهم، فلا تعويلٌ على ذلك المجتمع ولا على منظّماته.

وبهذا المعنى العميق الذي أرسله عبّاس – عبر الأثير- من داخل سجنه، والذي قد يتعرّض على إثره لأشدّ أنواع التنكيل والتعذيب والإيذاء، أراد عبّاس أن يُرجع مفهوم «ثورة اللؤلؤ» لسياقها الذي كان واضحًا في دوّار اللؤلؤة، حينما هتف غالبيّة الشعب البحرينيّ بشعار: «الشعب يريد إسقاط النظام»، وحينما كان القمع والحملات الإعلاميّة مادّةً تزيد من حرص الثائرين على الاستمرار في تحقيق مراميهم، وحين كانت التسويات تبطل الواحدة تلو الأخرى جرّاء الوعي الشعبيّ الذي لم يكن موجودًا في مفاصل تاريخيّة قد مضت، وكانت الغلبةُ فيها للنظام بنجاح تسوياته.

كلُّ تلك المعاني قد سطّرها عبّاس السميع في خطابه، وهو يرتجزُ معانيه بشجاعةٍ من داخل قبو التعذيب. فإلى أين سيسير «خطاب عبّاس» بالثورة؟


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015095128


المواضیع ذات الصلة


  • وزير خارجيّة المنامة و«عارُ التطبيع».. «اللي اختشوا ماتوا»
  • من «الاستفتاء الشعبيّ» إلى «العريضة الشعبيّة».. شعبٌ يقرّر مصيرَه
  • عام على حصار الدراز… والقرار «مقاومة»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *