Saturday 18,May,2024 16:19

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

الانتخابات بوصفها خطّة احتواء لوليّ العهد

جواد عبد الوهاب: تمرّ الثورة البحرانيّة باختبارات مصيريّة على وقع تصعيد أمنيّ من قبل السلطة، وتحرّكات سياسيّة بعناوين مختلفة، أحدها إعلان السلطة إجراء الانتخابات النيابيّة

جواد عبد الوهاب*

تمرّ الثورة البحرانيّة باختبارات مصيريّة على وقع تصعيد أمنيّ من قبل السلطة، وتحرّكات سياسيّة بعناوين مختلفة، أحدها إعلان السلطة إجراء الانتخابات النيابيّة في أكتوبر القادم، الأمر الذي قد يؤدّي إلى بلورة حقائق مختلفة على الأرض في ظلّ ما تتمتّع به السلطة من دعم وحماية دوليّة من شأنها أن تزيد من تعقيد الأمور وقتامة المشهد.

فإصرار السلطة على إجراء الانتخابات في ظلّ الأزمة السياسيّة يؤشر بوضوح على أنّ هدفها هو إرضاء الخارج، والالتفاف على مطالب الشعب البحرانيّ العادلة والمشروعة، كما يعتبر مؤشراً على تمسّك السلطة بنهجها في التعاطي مع مطالب الثورة منذ يومها الأول، الأمر الذي من شأنه فرض تحدّيات ضخمة على الجمعيّات السياسيّة التي رفعت شعار «إصلاح النظام» متسلّحة بوعود كاذبة ساقها ديوان وليّ العهد، ودعمتها وضمنتها الولايات المتّحدة وبريطانيا.

لقد حاولت السلطة، ومنذ اليوم الأول وبالتزامن مع اختيارها للخيار الأمنيّ في التعاطي مع الثورة، فصل المسارين السياسيّ والثوريّ عن بعضهما البعض، موكلة تنفيذ مخططها لـ«سلمان بن حمد» الذي أوهم الجميع بأنّه شخص مختلف، وأنّه الوحيد القادر على تحقيق أدنى مطالب الشعب البحرانيّ.

في حين كانت خطّة مجلس العائلة تتطلّب أن يقوم سلمان بن حمد بدور احتواء الجمعيّات ومنعها من رفع سقف مطالبها، مهما كانت الإجراءات الأمنيّة والعسكريّة، ومهما كانت تصرفات السلطة اللا أخلاقية واللا إنسانيّة بحقّ شعب البحرين، وذلك من خلال التقاطع معها وقطع الوعود لها، مع إيهامها بأنّه يمثّل الحلقة الأضعف في العائلة الخليفيّة، وأنّه لا يستطيع أن يحقّق كلّ شيء، وذلك بسبب القوّة التي يتمتّع بها من يسمّون «بالصقور» داخل العائلة.

لقد توحّدت العائلة الخليفيّة حول مشروع واحد هو الاستثمار في الثورة، وجعل نتائجها تؤدّي إلى إكمال ما بدأه حمد بن عيسى في العام 2001، حيث الإصرار على عدم إعطاء أيّ مكاسب لشعب البحرين خارج إطار ما تسمّيه العائلة بـ«المشروع الإصلاحيّ»، وأنّ أيّة مطالب يجب أن تطرح تحت قبّة البرلمان.

وطوال الثلاث سنوات الماضية من عمر الثورة حاول سلمان، الذي راهن عليه البعض، اللعب على عامل الوقت، لخنق الجمعيّات السياسيّة، وتضييق مساحة اللعب لديها ليوصلها إلى خيارين لا ثالث لهما، إمّا الدخول في انتخابات 2014 القادمة وطرح مطالبها تحت قبّة برلمان كسيح، أو مقاطعتها وتهديدها بالحلّ وهو الأمر الذي سيؤدّي بالطبع إلى تفكّك التحالف القائم بينها.

ولقد كانت استراتيجيّة النظام مبنيّة على أساس أن لا يحصل شعب البحرين على مكاسب لثورته التي حاول جاهداً سحقها واخمادها، مستعيناً بقوّات خليجيّة بقيادة المملكة العربيّة السعوديّة. لكنّ استراتيجيّة السلطة هذه اصطدمت بجدار الإصرار والصمود الشعبيّ في التشبث بمطالب الثورة على الرغم من قساوة الممارسة من قبل السلطة.

إنّ مشروع احتواء الثورة والقفز على مطالبها تجلّى بوضوح بعد فشل الخيار الأمنيّ والعسكريّ في إخمادها من خلال جميع خطابات حمد بن عيسى التي تمسّك فيها بعبارة أنّ «كلّ المطالب يجب أن تبحث تحت قبّة البرلمان»، الأمر الذي يدلّ على أنّ استراتيجيّة النظام لم تتغيّر، وأنّ كلّ وعود سلمان ما هي إلّا ركيزة أساسيّة من ركائز تلك الاستراتيجيّة.

وفي موازاة ذلك عمل الخليفيّون على تسريب الإشاعات بين فترة وأخرى، بهدف إحداث تشويش أو تغيير في ذهنية الشعب البحرانيّ الذي يطالب بإسقاط النظام، وتغيير النقاش في الشارع من نقاش حول «الإسقاط والإصلاح» إلى نقاش حول «الأثمان وحجم المكاسب». وقد وقع الجميع في الفخ الذي نصبته السلطة التي كانت تعمل على جميع الأصعدة.

لقد بات واضحاً اليوم أنّ سلمان بن حمد قام بعمليّة خداع كبيرة لكلّ من راهن عليه في الداخل، وسوّق نفسه من خلال شبكة من شركات العلاقات العامّة في الخارج، على أنّه يتمتّع بثقة كبيرة من كافة أطياف المجتمع البحرانيّ.

لكنّ كلّ ما أراده سلمان وخطط له هو الوصول إلى هذه المرحلة، مرحلة «انعدام الخيارات» أمام الجمعيّات حيث الوقت ضيّق جدّاً بسبب تقلّص الخيارات، فإمّا الاصرار والتشبث بـ«وثيقة المنامة» المرفوضة من قبل السلطة والإقليم والإدارتين الأمريكيّة والبريطانيّة، وفي ذلك الدخول في مغامرة توتير العلاقات مع هذه الدول، أو التضحية بالتاريخ والحاضر والمستقبل وبكلّ تضحيات الشعب البحرانيّ من خلال الدخول في العمليّة الانتخابيّة القادمة.

فالسلطة في البحرين ستعمل في الأسابيع القادمة على تحويل الإدارتين الأمريكيّة والبريطانيّة من عامل ضغط عليها إلى أداة ضغط على الجمعيّات السياسيّة من خلال قيامها بتنفيذ بعض توصيات لجنة بسيونيّ وتعديل في الدوائر الانتخابيّة وربما وعود بتوزير بعض المعارضين. وما تبرئة المعاون السياسيّ للأمين العام لجمعيّة الوفاق الإسلاميّة الأستاذ خليل المرزوق من التهم المنسوبة إليه، إلا إحدى هذه الإجراءات التي رأينا كيف تفاعل معها الغرب وأيّدها وأعلن ترحيبه بها.

الأيّام والأسابيع القادمة ستشهد جدلاً واسعاً حول موضوع المقاطعة، الأمر الذي يحتّم على الجمعيّات أن تعدّ نفسها لمرحلة ساخنة، والإجابة على حزمة من الأسئلة الكثيرة التي تتعلّق بمدى فاعليّة خيار المقاطعة وآليّاته وبرامجه، وهل أن المقاطعة ستؤثّر أو ستغيّر من سياسات الحكم وتجبره ولو الاقتراب من أهداف ومطالب الثورة؟

إنّ «خيار» مقاطعة الانتخابات المعلن من قبل الجمعيّات السياسيّة لن يصمد ما لم يتحوّل إلى «مشروع» وطنيّ يقف سدّاً منيعاً أمام مخطّطات السلطة الهادفة إلى القفز على حقوق الشعب البحرانيّ. لأنّ السلطة لديها مشروع ولابدّ من مجابهته بمشروع، وإلا فإنّ السلطة تمتلك من الأوراق ما تستطيع من خلالها جعل الجمعيّات السياسيّة تساوم على «خيار» المقاطعة.

*كاتب بحرينيّ مقيم في لندن


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014092021


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *