Saturday 18,May,2024 15:36

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

داعش في البحرين «4-4»

منامة بوست (خاص): تبيّن من الحلقات الثلاث السابقة أنّ الفكر التكفيريّ المسيّس قد تأسّس «أو على الأقل استُثمر» من قبل المستعمر، وإن كان ذلك برعاية بريطانيّة سابقاً فهو برعاية أمريكيّة

منامة بوست (خاص): تبيّن من الحلقات الثلاث السابقة أنّ الفكر التكفيريّ المسيّس قد تأسّس «أو على الأقل استُثمر» من قبل المستعمر، وإن كان ذلك برعاية بريطانيّة سابقاً فهو برعاية أمريكيّة حاليّاً، وهذا الأمر الجليّ لا يختلف فيه أغلب المراقبين، فمن المعروف أنّ القاعدة قد أسّسها آل سعود برعاية وتوجيه ودعم وخطط المخابرات الأمريكيّة، لكن ثمّة لبس في هذا الإطار، وهو أنّ الخطاب التكفيريّ ينحو أحياناً لمهاجمة الأمريكيّ والإسرائيليّ، فكيف يرفع هذا الاشتباه؟

من المهم الإجابة على هذا السؤال قبل الولوج في قصّة الحواضن التكفيريّة في البحرين، ذلك لارتباط الإجابة بشكل وثيق بماهيّة جماعات التكفير المحليّة.

إجابة ذلك السؤال وإن كانت واضحة لدى الكثير إلا أنّ تبيانها مهمّ لتتميم البحث، وهي تنقسم إلى أربعة أقسام:

أوّلاً: أحد تأسيسات الجماعات التكفيريّة هي المدارس الدينيّة التي أنشأتها ورعتها المخابرات الباكستانيّة مع التنسيق مع الرياض وواشنطن، وطبيعيّ أن يكون غسيل الدماغ لمريدي تلك المدارس مغيِّباً لهدف المشغلين، وعليه فإنّ خطابات بعض أفراد هذه الجماعات ضدّ أمريكا وإسرائيل في هذا الجانب لا قيمة استراتيجيّة لها.

ثانياً: هناك دفع من الولايات المتحدة لخلط الأوراق على جمهور الشارع السنيّ في الوطن العربيّ والإسلاميّ، ومن مصلحة واشنطن أن يحسب الناس أنّ تلك الجماعات جهاديّة حقّاً.

ثالثاً: الواقع يحكي أنّ الإطار الاستراتيجيّ لهذه الجماعات لا يضر بمصالح واشنطن، وما تفجير برجي مركز التجارة العالميّ في نيويورك إلا إحدى هذه المصالح لمن يرى الأمور بعمق، فالبرجان مؤمّنان لدى شركة تأمين كبرى في اليابان، وقد عوِّض المستثمرون فيها، واليهود من موظفين ومدراء كانوا في إجازة في ذلك اليوم، والأهم أنّ الحدث هو الذي أدخل الولايات المتّحدة بقوّة للعراق وأفغانستان.

رابعاً: السياسة الماكرة لواشنطن، تصنع الإرهابيّين، لتظفر بثمرة في حال الربح أو الخسارة، فإن كان الإرهاب ناجحاً في الميدان تحقق المطلوب، وإن خسر الإرهابيّون، ساندت أمريكا الإجهاز عليهم بدعوى القضاء على الإرهاب، وبذلك هي تنفض من على كاهلها العبء السياسيّ والبشريّ، ليبقى العبء الماديّ فقط، والذي تشارك فيه دول الخليج بميزانيّات طائلة.

وعليه ينبغي قراءة الحواضن التكفيريّة في الخليج عموماً، وفي البحرين على وجه الخصوص في بعدها الاستراتيجيّ، وليس في خطاباتها العائمة فوق بحر من التناقضات، لأنّها أصلاً ليس لديها رؤية ثابتة في توزيع عنفها، وهي غير ملتفتة – باستثناء القيادات العليا لها- للمشغلين لها والمديرين لحركتها.

وبذلك سوف تعالج هذه الحلقة أمرين، الأول إثبات وجود الحواضن، الثاني قراءة في تداعياتها.

أولاً: حواضن داعش في البحرين:

في الأمر الأول نكتفي بإطلالة سريعة على عدد من التقارير نشرتها «منامة بوست» سابقاً، وتناقلها عدد من القنوات الفضائيّة وشبكات التواصل الاجتماعيّ، وهي تقارير مهمّة لتتبع فريق «منامة بوست» الحركة المتطرّفة في البحرين عن كثب.

فقد كتبت «منامة بوست» تقريراً مفصّلاً عن الشيخ وليد سيف النصر، الذي يعدّ مهّماً في هذا السياق(1)، فهو الذي أدخل الموجة السلفيّة في نسختها الدمويّة القانية إلى مدينة «المحرّق»، وروّج في فبراير/ شباط من عام 2012، لضرورة حمل السلاح في وجه النظام السوريّ، فتأثر الشباب به وبالخصوص شباب منطقة «البسيتين»، لكنّ المخابرات الأمريكيّة وقتها رصدت تحرّكات «الشيخ وليد»، وأصدرت تقريراً سريّاً للمخابرات البحرينيّة للقيام بالمهمّة؛ فتحرّكت الداخليّة لسحب جنسيّة الشيخ وليد، الذي يعود لأصول مصريّة وجُنّس على أسس طائفيّة. السلطات تعاملت مع الشيخ وليد بقسوة، رغم أنّه من المعروفين بدعم النظام الخليفيّ ضدّ الحراك الشعبيّ، بيد أنّ ذلك لم يحِل دون التعامل معه بحسب الإملاءات الأمريكيّة.

بل صار معلوماً أنّ من داعمي هذه التنظيمات في الخارج نوّاباً برلمانيّين وتجاراً ورجال دين من البحرين، ففي تقرير عن الوزارة الخارجيّة الأمريكيّة، كشفت فيه أنّ ثمّة دعاة بحرينيّين دعموا الجماعات المسلحة في سوريا بالمال، وتضمّن التقرير أسماء الداعية شوقي بن عبد الرحمن المناعي، عادل بن علي الشيخ من البحرين، وهما يقومان بتمويل الحركات الإرهابيّة «الجهاديّة»، وتنظيم القاعدة في الشرق الأوسط والعراق وسوريا «داعش» على وجه الخصوص(2).

كما عقدت شخصيّاتٌ عربيّة وخليجيّة «سلفيّة وإخوانيّة» يوم السبت الموافق 14 يونيو/ حزيران 2014، مؤتمراً في المدينة الهولنديّة «لاهاي» بعنوان «إيران والأمن القوميّ العربيّ ودور القضيّة الأحوازيّة». وتصدّر المشاركين في المؤتمر النائب الإخوانيّ السابق ناصر الفضالة، والنائب الإخوانيّ محمّد العمّادي، والنائب الإخوانيّ عبدالحكيم الشمّري – والمتزوّج من إحدى بنات عائلة آل خليفة -، بالإضافة للنائب الكويتيّ السلفيّ المتشدّد وليد الطباطبائي. ويأمل المؤتمرون إلى تحرير دولة الأحواز العربيّة من سيطرة الحكم الإيرانيّ، وطلب الدعم الدوليّ والإسلاميّ لاسترداد الحقّ المسلوب – على حدّ تعبيرهم، ودعم إخوانهم «مسلّحي داعش الإرهابيّة» الثائرين في العراق، واستغلال هذه الفرصة لتحريرها – حسب تعبيرهم. ودعا الفضالة إلى ضرورة دعم جرائم «تنظيم داعش» الإرهابيّ في العراق ووصفها بالثورة ضدّ نظام «الملالي في إيران» الذي يستقطب الشيعة في الخليج لخدمة أهدافه الفارسيّة – وفق تعبيره(3).

المظاهر الداعمة لداعش جالت في شوارع البحرين بشكل علنيّ حاملة أعلام الدولة الإسلاميّة المزعومة(4)، وعبّرت فتاتان عن سعادتهما لتدشين تلك الدولة، وهنأتا البغدادي على خلافته، وطالبتاه بالمجئ للبحرين(5).

الأمر لم يقتصر على شخصيّات سلفيّة شبه رسميّة، بل طال شخصيّات رسميّة دعمت لتنظيم داعش، فقد اعتبرت الناطقة باسم الحكومة البحرينيّة سميرة رجب الهجوم الإرهابيّ لتنظيم داعش على المناطق الشرقيّة في العراق والمجازر التي يرتكبها بحقّ العراقيين بأنّها “ثورة شعبيّة” ضدّ ما وصفته بـ« الظلم والقهر الذي ساد العراق لأكثر من عشر سنوات»، واعتبرت أنّ «مسميّات التنظيمات التي تُتردد في الإعلام هي من أجل «التغطية على إرادة الشعب العراقيّ» وفق تعبيرها(6).

كلّ ذلك قد يعتبره البعض في دائرة الاحتمال غير المباشر، والذي لا يؤدّي إلى تفريخ إرهابيّين ميدانيّين في البحرين، وإذا اعتبرنا أنّ ذلك يعدّ من الممكن، إلا أنّ ثمّة ما يؤكّد وجود الحاضنة الحقيقيّة التي تفرّخ إرهابيّين فعليّين، حيث يوجد من يقوم بتنظيمهم ودفعهم للإرهاب، فقد رشَحَت أنباء عن وجود تقرير لدى الاستخبارات الأمريكيّة يفيد أنّ العقيد السابق في المخابرات البحرينيّة «عادل فليفل»، يعمل على إنشاء «تنظيم داعش في البحرين»، على غرار التنظيم الموجود الآن في سورية والعراق والمتبنّي للعمليّات الإرهابيّة. وتقول المعلومات أنّ التنظيم في هذه الأيام في طور «التكوّن السرّي»، وهو عبارة عن «مليشيات وعصابات سنيّة» تنتمي للفكر «السلفي المتطرّف»، مدجّجة بالسلاح الأبيض، وستقدم على تنفيذ اغتيالات في صفوف المواطنين الشيعة ورموز المعارضة، وعمل انفجارات في المناطق الشيعيّة في البحرين. وعلى ضوء هذه المعلومات جرى اجتماعٌ سرّي حذّرت فيه الولايات المتّحدة رعاياها من المنتمين للأسطول الخامس بالقاعدة الأمريكيّة، المقيمين في البحرين، من تداعيات احتجاجات 14 فبراير القادمة، والتي أشارت إلى أنّ المملكة الخليجيّة الصغيرة ستقع في مستنقعٍ «لا يُحمد عقباه» من تنظيم «داعش» الذي سيولد قريباً في البحرين(7).

ثانيا: تداعيات تلك الحواضن:

من الطبيعيّ أن يخشى النظام الخليفيّ من تمدّد داعش، فقد دعا الملك حمد يوم الجمعة 27 يونيو/حزيران السلطات البحرينيّة لأن «تتحرك لحماية أراضيها من تمدّد داعش، ولاتّخاذ الإجراءات اللازمة لحماية البلاد من خطر وإرهاب التنظيمات المتطرّفة التي سيطرت على مساحات واسعة من العراق، خلال هذا الشهر، مشدّداً على ضرورة اتّخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية الوطن والمواطنين من نزعات الإرهاب والتشدد التي لا مذهب لها ولا دين لها» -على حدّ تعبيره.(8)

وقد اتخذت وزارة الداخليّة البحرينيّة عدداً من الإجراءات للحؤول دون وقوع الكارثة، فقد وجّه رئيس الأمن العام في وزارة الداخليّة «طارق الحسن» تحذيراً للمشاركين والداعين أو المحرّضين على القتال في سورية والعراق أو دول أخرى، كما وحذّر من الانضمام للجماعات الدينيّة أو الفكريّة المتطرفة، وما أسماه بالمنظّمات الإرهابيّة في الداخل أو الخارج، وتقديم الدعم الماديّ أو المعنويّ، بما يُشكّل ما اعتبره تهديداً لأمن البحرين – حسب تعبيره.

وأشار الحسن في بيانٍ إلى أنّه تمّ تشكيل لجنة بقرار من وزير الداخلية راشد آل خليفة، لاتّخاذ الإجراءات القانونيّة اللازمة بحقّ المتورطين في هذه الأعمال، ولفت إلى أنّه تمّ «استدعاء عددٍ من هذه العناصر العائدة من سورية والعراق»، بحضور أولياء أمورهم، وتسجيل محاضر رسميّةٍ واستصدار أوامر قضائيّةٍ تمنعهم من السفر في حال ثبوت تورّطهم بالمشاركة في القتال، وتشديد الرقابة على التحويلات الماليّة من وإلى البحرين بالتعاون مع الجهات الرسميّة(9).

لكن هل ذلك يكفي؟

القاعدة وداعش اخترقت حصون عدد من الدول، ليس لأنّ تلك الدول ضعيفة وهشّة، بل لأنّ هناك تنسيقاً مخابراتيّاً مع واشنطن – كما تظهر التقارير المختلفة – الأمر الذي يجعل أمر تأثيرها من عدمه معلّقاً على الإرادة الأمريكيّة وليس الإرادة المحليّة للدول، إلا تلك الحصينة جداً ضدّ التدخّلات الأجنبيّة(10).

وفي كلّ الأحوال، هل تعدّ الإجراءات الرسميّة كافية فعلاً لزرع الطمأنينة ضدّ الخطر الداعشي؟ خصوصاً إذا ما تذكرنا أن نفوذ السلفيّين كبير جداً في أجهزة الدولة ومنها الجهازين الأمنيّ والعسكريّ، وهذا النفوذ السلفيّ لا يقتصر على البحرين فحسب، بل في دول الخليج عموماً باستثناء عمان. الأمر الذي يحتاج لكثير من التيقّظ، خصوصاً في القطاع الأمنيّ والماليّ. وبحسب ويكليكس فإنّ وليّ العهد الخليفيّ سلمان بن حمد قال للأمريكيّين «صحيح أنّ الشيعة أغلبيّة، لكن السنّة يملكون السلاح»(11).

هوامش:


«منامة بوست» تميط اللثام عن «تفريخ الداعشيّين» في البحرين.. «علي يوسف» مثالاً
تقرير سرّي أمريكيّ يكشف تورّط المناعي والشيخ في تمويل «داعش»
بعد «ثورة بنت رجب».. نوّاب بحرينيون من «لاهاي»: «ادعموا إخوانكم ثوّار داعش».. للأحواز دُر
خلايا «داعش البحرين النائمة» تحتفل بإرهاب المسلّحين في العراق.. بنت رجب: قد تكون ثورة!
فتاتان تهنّئان «البغدادي» بـ«خلافة داعش» وتنتظران قدومه لـ«فتح البحرين»
البحرين تهاجم الحراك السلميّ وتعتبر داعش ثورة شعبيّة!
معلومات: الجلّاد عادل فليفل «أمير داعش القادم» في البحرين
ملك البحرين يدعو لحماية البلاد من تنظيم «داعش» ويثني على السلطات الثلاث
الحسن يقول أنّه سيلاحق المنتمين لتنظيم «داعش» في البحرين
بعد «فليفل».. عدوى «نصرة داعش» تنتقل لـ«رئيس الأمن العام» في البحرين
الموالون السنة في البحرين «2-2»/ صحيفة الأخبار اللبنانية/ عباس بوصفوان


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014015736


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *