منامة بوست (خاص): كيف غادر أوّل سفيرٍ للكيان الصهيونيّ في البحرين «إيتان نائيه» البلاد، واختفى فجأة كفئرانِ باريس في ظروفٍ غامضةٍ بعد «عمليّة طوفان الأقصى»، التي تبنّتها حركة المقاومة الإسلاميّة «حماس» في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023؟!
منامة بوست (خاص): كيف غادر أوّل سفيرٍ للكيان الصهيونيّ في البحرين «إيتان نائيه» البلاد، واختفى فجأة كفئرانِ باريس في ظروفٍ غامضةٍ بعد «عمليّة طوفان الأقصى»، التي تبنّتها حركة المقاومة الإسلاميّة «حماس» في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023؟!
جاء «إيتان نائيه» إلى البحرين وسط حفاوةٍ كبيرة وصخبٍ رسميّ حينما تسلّم أوراق اعتماده حاكم البحرين «حمد عيسى الخليفة» في 28 ديسمبر/ كانون الأول 2021، لكنّ «طوفان الأقصى» وانعكاسه على الحراك الشعبيّ في البحرين فَرَض تغييراتٍ دراماتيكيّةٍ على أحد أبشع المشاهد الدبلوماسيّة في المنامة، فيما يخصُّ العلاقات الرسميّة بين البحرين والكيان الصهيونيّ بعد تبادل السُّفراء بين الجانبين، إثر توقيع اتفاقيّة التّطبيع بينهما برعايةٍ أمريكيّةٍ في العاصمة واشنطن عام 2020.
جَرَت العادة حينما تنتهي مدّة عملِ سفيرِ أيّ دولةٍ في البحرين، أنْ يلتقي بوزير الخارجيّة أو حاكم البلادِ، وكلٌّ بحسب طبيعة العلاقات ومستواها مع هذه الدّولة، لكنّ في حالةِ «السّفير نائيه» لم يحصل أيٌّ من ذلك، بل شَابَ الأمر ضبابيةً وغموضًا في اختفائهِ المُفاجئ، كما تفعل «فئران باريس» حينما تَهرُبُ مسرعةً إلى أقرب فتحةٍ في المجارير، أضف إلى أنَّ هذا الاختفاء كان بعيدًا عن الأعراف الدُبلوماسيّةِ المُتّبعة ليس في البحرين وحسب، بل في أيّ دولةٍ يغادر منها سفير أيّ دولةٍ انتهت مدّة عمله فيها. فما هي كواليس هروب «السّفير نائيه» من المنامةِ إلى «تل أبيب»؟ نعم، هو هروب وليس مغادرةً طبيعيّةٍ روتينيّة ضمن السّلوك الدبلوماسيّ المُتعارف عليه.
لم يكن غريبًا على الشّعب البحرينيّ تأييد «عمليّة طوفان الأقصى» ومناصرتها منذ الشّرارة الأولى، فمسألة أنّ القضيّة الفلسطينيّة هي القضيّة المركزيّة الأولى لهذا الشّعبِ أمرٌ محسوم، ورجلٌ مثل «السّفير نائيه» المُقرّب جدًا من رئيس وزراء الكيان «بنيامين نتنياهو» مُدركٌ لهذه الحقيقة، وبالتأكيد وصلت إلى مسامعه صرخات حناجر الشّعب الذي يُطالب بطرده من البلاد، وغلق وكر تآمره في العاصمة المنامة، وهو وحكومته على يقينٍ بأنّه أمام فوهةِ بُركانٍ شعبيٍّ حارقٍ ممكن أن يتحوّل إلى حممٍ تحرق وجوده في البلاد، وهنا تؤكّد مَصادرُ لصحيفة «منامة بوست» اختلال الموازين لدى «السّفير نائيه» وعدم إحساسه بالأمان، ما أجبره على استجداء حكومته وتوّسلها انتشاله من كابوس الشّعب البحريني الغاضب، الذي قد يقوم بأي عمليّةٍ تستهدف حياته ووجوده في البلاد، وهو على يقينٍ تامٍّ بأنَّ هذا أدنى ما يتوقّعه.
التزمت حكومة البحرين الصّمت طويلًا فيما يخصُّ وضع العلاقات الدبلوماسيّة مع الكيان، وتحرّكت في الخفاء واستدعت سفير عَارِها «خالد الجلاهمة» من «تل أبيب» من دون أيّ بيانٍ رسميٍّ يوضح الأسباب، في الوقت الذي لم تُصدرُ بيانًا رسميًّا عن قطع العلاقات مع الكيان، أو تحديد مصير «السّفير نائيه» المرعوب من البقاء في البلاد، ومن دون أيّ مراسم رسميّةٍ من وزارة الخارجيّة البحرينيّة كما جَرَت العادة، غير أنَّ «مجلس النوّاب البحرينيّ» وفي مشهدٍ كوميديّ أسود أراد امتطاء دور البطولةِ فيما يخصُّ «السّفير نائيه»، فأصدر بيانًا في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، مفادهُ مغادرة السّفير المنامة منذ مدّة لم تُحدّد، فيما فضَّلت الخارجيّة البحرينيّة التزام الصّمت فيما يتعلّق بانتهاء «ليالي العسل» بينها وبين «السّفير نائيه»، على الرغم من أنّها المعنيّة بالدَّرجة الأولى عن هذه المسألة الدبلوماسيّة وليس مجلس النوّاب البحرينيّ، الذي لم يكن له أيّ دورٍ من الأساس في مسألة التّطبيع، ليتصدّر المشهد في حسم الجدل حول «السّفير نائيه» الذي تلاشى عن الأضواء.
في الطَّرف المُقابلِ واصلت الأطراف الرسميّة في الكيان تأكيد استمرار العلاقات بين الطَّرفين، في الوقت الذي أشارت فيه تقارير إعلاميّة إلى سحب حكومة البحرين سفيرها «الجلاهمة» من الكيان، من دون تأكيد قطع العلاقات، وعدّته خطوةً رمزيّةً على التصعيد العسكريّ الصهيونيّ في «قطاع غزّة»، وهو أمرٌ بعيدٌ كليًّا عن واقع استمرار حكومة البحرين في التمرّغ في وحل التطبيع، وعدم استغلال هذه الفرصة لتحسين صورتها أمام الشعب البحرينيّ الغاضب بالدَّرجةِ الأولى، والشّعوب العربيّة والإسلاميّة، وحتى أمام مختلف شعوب دول العالم، بإعلانِ موقفٍ حقيقيٍّ من القضيّة الفلسطينيّة بإلغاء اتفاقيّات التّطبيع احتجاجًا على جرائم حليفها الصهيونيّ في «قطاع غزّة»، وبموازاة ذلك نشر عددٌ من الوكالات الإخباريّة تقارير بالسّياق الكاذب ذاته، من بينها مؤسّساتٌ بحرينيّة.
ووصفت تقاريرُ إعلاميّة تابعة للكيان أنّ «السّفير نائيه» كان رجل التأسيس بعد اتفاقيّات التّطبيع، كما وصفت مغادرته على أنّها انتقالٌ لوظيفةٍ أخرى لاحقًا في وزارة خارجيّة الكيان، في محاولةٍ لنفي الأسباب الحقيقيّة لمغادرته البحرين بعيدًا من خوفه من الاحتجاجات الشعبيّة الغاضبة، لكنّ مسؤولًا في الكيان الصهيونيّ أكّد أنّه تم سحب «السّفير نائيه» وكلَّ الطَّاقم مبكِّرًا كإجراءٍ احترازيٍّ أمنيٍّ في بداية الحرب
وعلى الرغم من ذلك ستبقى أسئلةٌ كثيرةٌ مطروحةٌ عن التوقيت الدّقيق لمغادرة «السّفير نائيه» البحرين، بالإضافة إلى طبيعة القرار؛ أكان اتفاقًا مشتركًا بين حكومة البحرين والكيان في ذلك الوقت، أو إجراء إداريًّا، أو طَرْدًا من البلاد في ظلّ غيابِ تصريحٍ رسميٍّ من الجانبين، وتناقضاتٍ كثيرةٍ في فوضى التّصريحات من الطّرفين، عدا أنّ الكيان أكّد عدم تلقّيه إخطارًا رسميًا بسحبٍ دائمٍ للسفراء من دون الإشارة إلى ردود الفعل الشعبيّةِ على الحرب، لكنّ الأسئلة الأهم والأبرز هي عن مصير السّفير «شموئيل ريفيل»، الذي جاء منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بديلًا لنائيه، وإنْ كان قد تلقّى إحاطةً من «نائيه» بالأوضاع في البحرين أم لا؟ وكم من الوقت سيستطيع «ريفيل» الصّمود في هذه المهمّة التي جاءها كالأعمى في جُنحِ الظّلام؟
رابط المختصر
:
manamapost.com/?p=2019151894
المواضیع ذات الصلة
حاكم البحرين «يتسلّم أوراق اعتماد سفير الكيان الصهيونيّ بعد جرائم إبادة جماعيّة في غزّة» – «وكالة بنا»
النّائب «ملا حسن يُطالب حكومة البحرين بطرد السّفير الصّهيونيّ وإلغاء التّطبيع مع الكيان» – «فيديو»
البحرين: «احتجاجاتٌ تضامنيّة مع غزّة ورفضٌ للاضطهاد الطائفيّ ضدّ المواطنين الشّيعة» – «صور – فيديو»
إعلام صهيونيّ: «حكومة البحرين طلبت من سفير الكيان خفض ظهوره إعلاميًا»
قياديّ في الوفاق المُعارِضة: «معلومات تؤكّد عودة السّفير الصّهيونيّ ونشاط سفارة العدوّ في البحرين منذ فترة»