Friday 19,Apr,2024 19:24

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

هل تستفيد البحرين من انطلاق «قطار التسويات»؟

د. حسن زعرور: تنطلق سلسلة مفاوضات بين قوى خليجيّة ودوليّة على عناوين مختلفة للتوصّل لتسويات لأزمات الشرق الأوسط أو لمعظمها، والسبب وصول الطرفين الأميركيّ والأوروبيّ إلى قناعة

د. حسن زعرور*

تنطلق سلسلة مفاوضات بين قوى خليجيّة ودوليّة على عناوين مختلفة للتوصّل لتسويات لأزمات الشرق الأوسط أو لمعظمها، والسبب وصول الطرفين الأميركيّ والأوروبيّ إلى قناعة مفادها أنّ شبه جزيرة العرب لا تستطيع البقاء محميّة لهم ومسرحاً لدكتاتوريّات قبليّة وطائفيّة، نصّبوها منذ قرن ونصف ولا تزال تمسك بالبلاد بعقليّة بائدة عفا عليها الزمن.

دولة البحرين واحدة من مناطق التسويات وأكثرها ظلماً، فهناك شعب ينتفض منذ ما يزيد على الثلاث سنوات، في حراك هو الأكثر سلميّة ورقيّاً في المشرق العربيّ. وهو يتعرّض لاحتلال أربع قوى، أميركيّة متمثّلة في قاعدة الأسطول الخامس على أراضيها، وثانياً من الجيشين السعودي والإماراتيّ اللذين يحتلّان الجزيرة، ويعاونان قوّات آل خليفة على ذبح الناس، وثالثاً قوّات الدرك الأردنيّ التي اكتشف أمر وجودهم في البحرين مؤخراً، وهم أكثر شراسة وتدريباً لأنّهم ينتمون إلى قوّات الهجانة الأردنيّة، أمّا الرابع فهم آل خليفة النجديّون الذين استحضرهم الاحتلال البريطانيّ إلى البحرين في النصف الأخير من القرن التاسع عشر.

لماذا هذا الازدحام القويّ للقوى المحتلّة في جزيرة صغيرة كالبحرين؟

الأسباب موجودة، ومطلعها الموقع الاستراتيجيّ للأرخبيل، وأهميّته بالنسبة للشاطئ السعوديّ المقابل، وضرورة منع البحرين من الالتقاء مع المناطق الشرقيّة السعوديّة المقابلة، وهي أخيراً منارة للقوّات الأميركيّة تستعملها بحريّة كبيرة، لمراقبة الخطّ البحريّ الخليجيّ من دون أن ننسى أنّه مجانيّ، ولا يتقاضى آل خليفة منه إلا حقّ الحماية والاستمرار.

والسؤال الذي يطرح نفسه، أين موقع البحرين من حركة المفاوضات الإيرانيّة – الأميركيّة – الروسيّة – الأوروبيّة وأخيراً السعوديّة؟ هل تلوح في الأفق يالطا جديدة، أم سايكس – بيكو آخر؟

تدور المفاوضات على خطوط ثلاثة أهمّها اللقاءات الأميركيّة – الإيرانيّة التي ترتدي ظاهراً شكل التفاوض على المسألة النوويّة الإيرانيّة، لكنّها تتوغّل في السرّ نحو أزمات المنطقة بدءاً بأفغانستان، واليمن، والعراق، وسورية إلى لبنان، فهل تشمل البحرين؟ يقول المراقبون أنّها في الخطّ الأساسي من التفاوض، لأنّ الرياض تعتبرها مدى حيوياً لها ولا تقبل بأيّ تغيير فيها، وتصرّ على ضمانات دوليّة وإقليميّة بإبقاء الوضع فيها على ما هو عليه، وتريد هذه الضمانات من أميركا وإيران .. ومصر، لذلك نراها متأهبّة لإقحام القاهرة في شؤون البحرين، ويتناغم مع هذه الاهتمامات الرئيس المصري الجديد السيسي، الباحث عن هبات ماليّة لتأمين استقرار نظامه السياسيّ، فيطلق تصريحات عن ارتباط أمن الخليج بأمن مصر.

البحرين هي إذاً في واجهة الاهتمامات التي لا تنفك تزداد مع اتّجاه الأمور إلى حلول في سوريا وأوكرانيا، والأكثر أهميّة هو هذا الحراك البحرينيّ الذي يسجّل انتصار الإرادة الشعبيّة على قوى الاحتلال، الأمر الذي يكشف أنّ دور البحرين في حركة المفاوضات ليس ببعيد، لأنّ السعوديذة المتوثّبة للانخراط فيها، تحمل مطالب متعدّدة، خصوصاً في البلدان المحيطة بها، وعلى رأسها البحرين لأنّها تريد توفير الأمان لمملكة الذهب الوهابيّة.

ويقول المراقبون أنّ آل سعود يحملون مشروعاً لتسويات تقوم على كونفدراليّة المناطق اليمنيّة، بهدف إضعاف اليمن والإبقاء عليه متناثراً، وكونفدراليّة العراق بين مناطق ثلاث، كرديّة وسنيّة وشيعيّة، وهكذا يصبح العراق ضعيفاً ومشتتاً، ومناطقه في حالة صراع داخليّ يستنزف قدرات هذا البلد.

أمّا البحرين، فهناك تشبث سعوديّ بالشكل الديكتاتوريّ للسلطة، ذات الطابع القبليّ والعائليّ، مع تعزيز القمع وإعطاء الأميركيّين أدواراً سياسيّة وأمنيّة أكبر في الجزيرة.

لكن فيما يبدو، أنّ الأميركيّين نصحوا السعوديّين بالركون إلى السياسة الواقعيّة، لأنّ حماية النظام البحرينيّ لا تقوم إلا على أساس إحداث إصلاحات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة في المملكة. لكن أسباب رفض آل سعود التنازل، مرده إلى ذعرهم من انتقال حركة تطوير النظام البحرينيّ سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً إلى أراضيهم، لأنّهم يعرفون أنّ انطلاق قطار الحريّات يكبر بالتراكم والتدريج إلى أن يقضي على أسس القرون الوسطى والديكتاتوريّات.

وهكذا تدخل الأوضاع في البحرين دائرة التفاوض، إنّما ببطء سببه ترقّب نتائج المفاوضات الأميركيّة – الإيرانيّة، وإذا كان آل سعود وآل خليفة مذعورين من نتائج هذه المفاوضات، للتداعيات المرتقبة على أنظمتهم السياسيّة، فإنّ الفريق الوحيد غير المصاب بالذعر هو شعب البحرين المؤمن بأنّ حقوقه لن تكون إلا وليدة إصراره على الاستمرار في مطالبه المحقّة وبالطرق السلميّة، وبضرورة تحويل المملكة إلى ديمقراطيّة خليجيّة حقيقيّة.

*كاتب لبناني


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014121423


المواضیع ذات الصلة


  • الشهيد أحمد اسماعيل.. «ما لم توثّقه العدسة»
  • الكمائن المفضوحة للن­ظام في محاكمة الشيخ عيسى أحمد قاسم.. سمٌ وعسل!!
  • فورمولا الدم من جديد… سباق في ضيافةِ مستبدّ..
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *