Thursday 28,Mar,2024 19:19

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

اعتقالات وانتهاكات للأعراض والحقوق، فلمَ لا تغضب؟

علي آل غراش : ما أسباب تفاقم حالات انتهاكات الأعراض والحقوق، والاعتقالات التعسّفيّة، وتعذيب المواطنين بما يخالف القوانين الإلهيّة والوضعيّة ومنها القوانين الدوليّة؟ لماذا الصمت الشعبيّ والدوليّ اتجاهها؟

علي آل غراش

ما أسباب تفاقم حالات انتهاكات الأعراض والحقوق، والاعتقالات التعسّفيّة، وتعذيب المواطنين بما يخالف القوانين الإلهيّة والوضعيّة ومنها القوانين الدوليّة؟ لماذا الصمت الشعبيّ والدوليّ اتجاهها؟ ..

وإلى أيّ مدى ستكون آثارها سلبيّة وتداعيتها وخيمة؟

شعوب الخليج شعب واحد، والعوائل متداخلة فيما بينها، منذ عقود من الزمن وحتى قبل تأسيس الدويلات الحديثة، فقد كانت المنطقة على ساحل الخليج تحت سيادة واحدة، وكانت الشعوب الخليجيّة تتّصف بالطيبة والكرم والتسامح وحبّ السلام، والبعد عن العنف والتدخّل في شؤون الآخرين.

نريد التأكيد على تأييدنا لبناء دولة القانون والمؤسّسات- المنبثقة من دستور يمثّل الشعب – واحترام القانون من قبل الجميع، ورفض الظلم والفساد واستغلال السلطة، ورفض دولة القبيلة والمزاجيّة، ورفض الاعتداء على حقوق الإنسان، والعنف من أي جهة كانت.

لطالما افتخرت شعوب دول الخليج وتغنّت بترديد “بلادنا واحد – خليجنا واحد” كتعبير عن الوحدة وعشقها لها، ولكن الظاهر أنّها وحدة للأنظمة، واتّفاق فيما بينها لتحقيق مصالحها ليستمر حكمها، ..

وطالما تفاخرت أنظمة الخليج وشعوبها باحترام العادات والتقاليد في المنطقة، والاهتمام بالأسرة والمرأة والدفاع عن العفّة والشرف، لدرجة أنّ بعض الخليجيّين يجدون في ذكر اسم المرأة، وبالخصوص الأم أو الزوجة أو البنت، أمرًا معيبًا ويستحقّ جريمة شرف.

ورغم أنّ شعوب الخليج مظلومة ومهمّشة ومحرومة من حقوقها، سيّما حقّ المشاركة في اتّخاذ القرار أو تقرير المصير، – وإذا طالب مواطن بحقوقه المسلوبة يتمّ اعتقاله وتعذيبه وتخوينه وسحب جنسيّته، ويُجلب أشخاص أجانب ويمنحون الجنسيّة، ويتمّ توظيفهم في الجهات الأمنيّة للتنكيل بالمواطنين الأصليّين – فإنّ بعض الخليجيّين، للأسف، أصبحوا شركاء في الظلم والفساد؛ عبر سكوتهم وصمتهم عمّا يقع في بعض دول الخليج من سلب للحقوق واعتقالات تعسفيّة، واعتداءات وانتهاكات للشعب، إذ إنّ الاعتداءات التي تقع على البعض، ظلمًا وعدوانًا، هي اعتداء على كلّ الشعب الخليجيّ، من منطلق أنّ الخليجيّين شعب واحد ومصيره واحد، كما يحدث حاليًّا في البحرين من انتهاك للأعراض عبر اختطاف عدد من النساء واعتقالهنّ، والتنكيل بهنّ وتعذيبهنّ، وسجنهنّ مع أطفالهنّ بسبب التعبير عن الرأي ورفض الظلم، من قبل القوّات الأمنيّة، بالإضافة إلى الاعتقالات التعسفيّة وسلب الحقوق في أغلب دول الخليج.

وقد سعت بعض الأنظمة عبر سياساتها إلى تدمير هويّة الشعب الخليجيّ، وتجريده مما يفتخرون ويعتزون به، وهي الكرامة والدفاع عن الشرف، فأصيب البعض من أبناء الشعب بداء الصمت القاتل، والذي أدّى إلى موت الضمير الوطنيّ والدينيّ، بل الإنسانيّ، وأصبح بلا مشاعر إنسانيّة ولا غيرة، إذ يتم اعتقال النساء ومنهنّ الحوامل، وبعضهنّ اعتقلن مع أطفالهنّ الرضّع بطريقة وحشيّة واذلال .. فلا يحرّك هذا الموقف الإجرامي ضمائر الشعب الخليجيّ، ولا استنكار لهذا العمل الجبان ولا محاسبة للمسؤولين عنه!.

إنّ الاعتداء على أعراض المواطنين من رجال ونساء، أطفال وكبار وشيوخ، عمل إجراميّ يتنافى مع أبسط الحقوق الإنسانيّة والوطنيّة، والتعاليم الدينيّة والقيم الأخلاقيّة، ومع عادات أهل الخليج وثقافتهم، ويتنافى مع طبيعة دور السلطة الحاكمة، التي من المفترض أن تعمل وتسهر على راحة المواطنين والدفاع عنهم وليس العكس، بل هو دليل على غياب روح المسؤوليّة والوطنيّة، وتكشف عن حقيقة بعض الأنظمة الحاكمة التي تدّعي أنّها محافظة وتهتم بالعادات والتقاليد، واحترام مكانة المرأة، وهي على العكس تمامًا، فهي مستعدّة لارتكاب أفظع الجرائم الإنسانيّة، ومنها الاعتقال والتعذيب والاعتداء وهتك الأعراض – للرجال والنساء- من المواطنين وغيرهم، إذا ما تحرّكوا للمطالبة بالعدالة والحقوق وإصلاح الوطن، وبما فيه خدمة للمواطنين، فهي سلطة تريد السيطرة على البلاد واستعباد العباد وتدمير شخصيّة وكرامة المجتمع لأجل إسكاته وإخضاعه للأبد.

منذ اندلاع شرارة الثورات العربيّة، ورغبة الشعب الخليجيّ لتشييد دولة القانون والمؤسّسات للعيش بكرامة وحريّة في وطنه بحسب دستور يمثّل الإرادة الشعبيّة عبر صناديق الانتخاب، .. ومسلسل الاعتقالات التعسّفيّة للنشطاء والحقوقيّين والمطالبين بالإصلاح متواصل، بل وصل إلى إصدار أحكام قاسية جدًا بالسنوات الطويلة والمؤبّد والإعدام بسبب التعبير عن الرأي!!

لماذا بعض الخليجييّن صامتون أمام ما يجري من انتهاكات للأعراض واعتقالات تعسفيّة واعتداء على حقوق الإنسان، وتلاعب بالقضاء وسلب حقوق المواطنين والثروة الوطنيّة؟ أليست النساء اللاتي تعرّضن للانتهاكات من أهل الخليج بالأصل، أليس المعتقلون من النشطاء والحقوقيّين والمطالبين بالإصلاح، وهم بالآلاف، من أبناء الخليج، والأرض تشهد لهم بأنّ أصولهم قبل تأسيس الأنظمة الحاكمة الحديثة؟ ألا يستحقّ هولاء التضامن والمساندة والدعم من قبل الشعب الخليجيّ والأحرار في العالم؟

لم لا تغضب أيّها الخليجيّ؟ هل ينتظر كلّ مواطن خليجيّ أن تكون أمّه أو أخته أوابنته أو زوجته الضحيّة القادمة لتتحرّك غيرته؟ أو يتنظر اعتقال والده أو ابنه .. ليدافع عن المعتقلين الأبرياء؟ هل ماتت الشهامة والنخوة والدفاع عن الشرف والعفّة من أبناء المجتمع والأمّة؟ وأين هم من قول شاعر الحكمة المتنبي:

يَهُونُ عَلَيْنَا أَنْ تُصَابَ جُسُومُنَا **** وَتَسْلَمَ أَعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ؟

تحيّة تقدير وإكبار لكلّ حرّ شريف من مواطني الخليج والدول العربيّة والعالم، ولكلّ الهيئات والجمعيّات والمؤسّسات الحقوقيّة التي دافعت عن المعتقلين والمعتقلات وطالبت بالإفراج عنهم، ودعمت حقّ الشعب بالإصلاح وتقرير مصيره، ورفضت وندّدت بما تقوم به بعض الأنظمة من ظلم واعتداء وسلب للحقوق.

حمى الله أوطاننا ومنطقتنا العربيّة والإسلاميّة والعالم من كلّ سوء وشر.


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014120750


المواضیع ذات الصلة


  • الشهيد أحمد اسماعيل.. «ما لم توثّقه العدسة»
  • الكمائن المفضوحة للن­ظام في محاكمة الشيخ عيسى أحمد قاسم.. سمٌ وعسل!!
  • فورمولا الدم من جديد… سباق في ضيافةِ مستبدّ..
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *