Saturday 20,Apr,2024 05:03

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

البحرين بين أحداث اليمن واللقاء السعوديّ – الإيرانيّ

د. وفيق ابراهيم: تتسارع التطوّرات الإقليميّة المحيطة بالبحرين بسرعة قياسيّة، قد تدفع باتّجاه إحداث متغيّرات على مستوى المنطقة بأسرها.

د. وفيق ابراهيم*

تتسارع التطوّرات الإقليميّة المحيطة بالبحرين بسرعة قياسيّة، قد تدفع باتّجاه إحداث متغيّرات على مستوى المنطقة بأسرها.

هناك ثلاثة مؤشّرات خليجيّة تبدو في ظاهرها متباعدة، لكنّها على قدر كبير من الترابط إذا أجاد المراقب قراءتها.

المؤشر الأوّل يتعلّق بالسرعة القياسيّة التي تمكّن بها «أنصار الله» الحوثيّون من السيطرة على عاصمة بلادهم صنعاء، فبدوا قوّة أساسيّة لا منافس كبير لها في اليمن. ويرتبط الصراع هناك بنقطتين، باب المندب بما يعنيه من إمكان الإشراف إلى حدود السيطرة على أحد أهمّ خطّ بحريّ نفطيّ في العالم، يبدأ من مضيق هرمز إلى باب المندب وصولاً إلى قناة السويس عبر البحر الأحمر، مروراً بالبحر المتوسط إلى مضيق جبل طارق والمحيط الأطلسي، وهذا أهمّ خطّ بحريّ تجاريّ في التاريخ.

وحدود اليمن مع السعوديّة، مصدر للنزاع والتوتر، وتخشى الرياض منها على أمنها، لذلك بنت جداراً لا يبدو ذا فاعليّة كبرى. والمعنى أنّ الحوثيّين يتحوّلون عند سيطرتهم على باب المندب إلى قوّة إقليميّة لها رأيها في أزمات المنطقة، وعلى رأسها الحراك البحرينيّ، باعتبار أنّ أهل الثورات مترابطون عادة، ولديهم خصم مشترك هو السعوديّة والسياسة الخارجيّة الأميركيّة، ولديهم أيضاً أصدقاء موحّدون.


أما المؤشر الثاني فيرتبط بإعلان حكم آل خليفة استعدادهم تقديم تنازلات سياسيّة وانتخابيّة قد تبدو هامشيّة وهي بالطبع كذلك، لكنّها تعكس استشعار هذه العائلة هبوب الريح المناوئة في الخليج، ومن يبقي رأسه منتصباً، يعرّضه للانكسار تحت ضغط العاصفة. لذلك يشجّعنا المنطق على اعتبار المشروع الجديد لآل خليفة بداية الانكسار، إضافة إلى أنّه يكشف مدى التلاعب التاريخيّ الذي امتهنه آل خليفة، بتزوير الدوائر الانتخابيّة، فهم عندما يعلنون استعدادهم للتعديل، فإنّهم يقرّون أنّهم كانوا يفصّلون الدوائر الانتخابيّة على مقاسهم، وهم مستمرّون على هذا النحو بقدر الإمكان، وعندما يغضب آل خليفة من إقدام دولة قطر على تجنيس بحرانيّين، ألا يبرر هذا الغضب الاحتقان الذي يسود المجتمع البحرانيّ لتجنيس باكستانيّين وأفغان وسوريّين وفلسطينيّين في بلادهم، ولغايات لا تخفى على اللبيب؟

لذلك يجب الانتباه إلى أنّ قبول آل خليفة حكام المنامة بشيء من التعديل الشكليّ، إنّما هو بداية الانحدار ومرتبط باستمرار التحسن في الظروف الخليجيّة والإقليميّة المحيطة بالجغرافيا السياسيّة للبحرين.

وللمؤشر الأخير، الدور الفيصل في الكشف عن المستور. فلماذا يندفع وزير الخارجيّة السعوديّ سعود الفيصل للقاء نظيره الإيرانيّ جواد ظريف، الآن وفي هذا الوقت بالذات؟ ولا سيّما وأنّ إيران كانت قد أعلنت عن استعدادها لمثل هذا اللقاء منذ بضعة أشهر.

والجواب على علاقة بتحسّن ميزان القوى لغير مصلحة الرياض .. النظام السوريّ غير قابل للاندحار كما تشتهي السعوديّة، و«داعش» صنيعتها مأزومة دوليّاً، ولم يعد بالإمكان استخدامها هراوة ضدّ الدور الإيرانيّ في بلاد الشام والعراق، إضافة إلى تمكّن حكّام بغداد من استيعاب صدمة داعش في الموصل.

لذلك لا يمكن لسعود الفيصل أن يلتقي بظريف إلا على أزمات الخليج، وهو قال هذا الأمر حرفيّاً. هل يمكن إذاً القول أنّ بدء محاولات العثور على حلول لأزمات الخليج ممكنة؟

يتوجب علينا بداية، تحديد الأهميّات لكلا البلدين. حيث تعتبر الرياض أنّ أكثر ما يعنيها هي البلدان المجاورة لها حدوديّاً، أي العراق واليمن والبحرين، وتفضّل ترجمة نفوذها في الآليات السياسيّة التي تحكم هذه الدول، حيث يبدو أنّها مستعدة للمساومة مع العراق واليمن، بدليل أنها بدأت ببناء جدار بطول 900 كيلومتر مع العراق ومثله مع اليمن.

أما مع البحرين، فالأمر معكوس، من خلال مباشرتها ببناء جسر ثانٍ بكلفة خمسة مليارات دولار يربطها بالأرخبيل، حيث يبدو أنّ الرياض ذاهبة باتجاه القبول بتنازلات سياسيّة هامشيّة في البحرين، لا تضعضع حكم حلفائها آل خليفة على المدى الطويل، وتستوعب في آن معاً رغبات المعارضة.

إنّ مجرد قبول آل سعود بشيء نسبيّ من التحسينات السياسيّة، يشير إلى إدراكهم للتغيير النسبي في موازين القوى الإقليميّة والخليجيّة، ولا شكّ أنّهم يتحضّرون لموازين قوى قد تكون أكثر قساوة، لذا يحاولون القبول بالسيئ حتى لا يحصل الأسوأ.

إذاً المفاوضات السعوديّة – الإيرانيّة تتركز على الوضع في البحرين وسوريا، ولا شكّ أنّ التسوية هي علم يبدأ من الإقرار بخسارة النصف على أمل تحسين الوضع في المفاوضات استناداً إلى موازين القوى.

يبقى على أبطال البحرين أن يواصلوا حراكهم العظيم، معتمدين على قبضاتهم التي تدعم المفاوضين في أماكن أخرى وتعلن انتصارهم على الطواغيت قريباً.

*استاذ جامعي وباحث في شؤون الشرق الأوسط


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014113410


المواضیع ذات الصلة


  • الشهيد أحمد اسماعيل.. «ما لم توثّقه العدسة»
  • الكمائن المفضوحة للن­ظام في محاكمة الشيخ عيسى أحمد قاسم.. سمٌ وعسل!!
  • فورمولا الدم من جديد… سباق في ضيافةِ مستبدّ..
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *