Tuesday 23,Apr,2024 21:29

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

مسار التنازلات العقلانيّة..هل هو الحلّ للأزمة البحرينيّة؟

هشام الهبيشان: إنّ المتابع لمسار الفوضى بدولة البحرين منذ عام 2011، والتي ولدت حينها لأسباب تتعلّق بسياسة التهميش والإقصاء التي كانت تمارسها السلطة الحاكمة، ولا زالت، على فئة كبيرة وطيف واسع من عموم الشعب البحريني

هشام الهبيشان*

إنّ المتابع لمسار الفوضى بدولة البحرين منذ عام 2011، والتي ولدت حينها لأسباب تتعلّق بسياسة التهميش والإقصاء التي كانت تمارسها السلطة الحاكمة، ولا زالت، على فئة كبيرة وطيف واسع من عموم الشعب البحريني، وما تبع ذلك من ردّات فعل شعبيّة، يستطيع أن يقرأ ويحلّل خطورة المرحلة القادمة على الدولة البحرينيّة بكلّ أركانها.

فبقراءة موضوعيّة لطبيعة الفوضى الحاصلة بالحالة البحرينيّة بهذه المرحلة تحديدًا وتداخلاتها، يبدو واضحًا أنّ الوضع البحرينيّ يعاني من حالة فوضى وتخبّط وأزمة داخليّة عسيرة يصعب تجاوزها الآن، سيّما بعد إجراء الانتخابات النيابيّة والبلديّة في ظلّ مقاطعة غالبيّة قوى المعارضة البحرينيّة لها، ما يدلّ على أنّ المشهد البحرينيّ يتّجه إلى مزيد من التصعيد، ومزيد من تجذّر لحالة الفوضى في البلاد.

فبعد أن قام النظام الحاكم بالبحرين مؤخّرًا بإجراء الانتخابات النيابيّة والبلديّة، التي دعت المعارضة إلى مقاطعتها، وأعلنت الحكومة البحرينيّة أنّ نسبة المشاركة بها بلغت 51.5% في البرلمانيّة، و53.7% في البلديّة، وأضافت أنّ نسبة المقاطعة فيها كانت نحو 16%، خرجت قوى المعارضة لتدحض كلّ هذه الأرقام, معلنة أنّ نسبة المشاركين كانت تقريبًا 30% مع زيادة أو نقصان بنسبة لا تزيد عن الـ5% فقط، وأنّ هذه النسبة جاءت بناء على رصد لأعداد المصوّتين، ولم تكن لتصل إلى الـ30% لولا دفع العسكريّين بعشرات الآلاف للتصويت، وإصدار تعميمات من جهات تتضمّن تهديدات بقطع الأرزاق والخدمات عمّن يقاطع الانتخابات.

ومن هنا يظهر جليّاً حجم انعدام الثقة وتزايد مؤشّرات الخلاف المتنامي بين السلطة الحاكمة وقوى المعارضة البحرينيّة، فداخليًّا تعاني البحرين اليوم أزمة اجتماعيّة، اقتصاديّة، ثقافيّة، وسياسيّة مركّبة؛ فهي تعيش كدولة وبكلّ أركانها حالة فوضى، خصوصًا بعد إعلان المعارضة مقاطعة الانتخابات مع ما تشكّله من ثقل سياسيّ واجتماعيّ في البحرين، كما يبدو أنّ النظام وصل بحواره مع بعض الفئات من الشعب والقوى السياسيّة المعارضة إلى طريق مسدودة.

ومن خلال مؤشّرات الفوضى، محور الكلام هنا، نستطيع أن نقرأ وبوضوح حجم الأزمة بدولة البحرين وحجم الإفرازات المتولّدة عنها، وخصوصًا حالة انعدام الثقة بين المعارضة والسلطة الحاكمة، والتي أنتجت أحداثًا «مؤلمة»، تمثّلت بالعصيان المجتمعيّ في الكثير من المناطق والمدن البحرينيّة، عدا عن حجم الخسائر الاقتصاديّة والتي زادت عن 1.6مليار دولار للآن، وتؤكّد المعارضة هنا أنّ سبب كلّ هذه الأزمات هو تعنّت السلطة الحاكمة البحرينيّة، وعدم تجاوبها مع مطالب الإصلاح التي تطالب بها المعارضة، والتي تتمثّل ببعض الإصلاحات الاقتصاديّة والسياسيّة كإقامة الملكيّة الدستوريّة عن طريق صياغة دستور جديد للمملكة، يتمّ بموجبه انتخاب الحكومة من قبل الشعب على غرار الديمقراطيّات العريقة، بدلًا من النظام الحالي الذي ينتخب بموجبه برلمان له سلطات محدودة.

وقد حاول بعض رموز السلطة الحاكمة وبعض حكومات الدول المحيطة بالبحرين إضفاء الطابع الطائفيّ على مطالب المعارضة، لتحويل الأنظار عن حقيقة الأزمة الاقتصاديّة- البوليسيّة- السياسيّة المركّبة، والتي تتحدّث عنها المعارضة بشكل دائم، مبرّرة موقفها الرافض لسياسات النظام بأنّ الأخير يحاول مصادرة إرادة الشعب.

فبهذه المرحلة، ومع بروز حقيقة الملفات التي تتحدث عنها المعارضة، إلى واجهة الأحداث بالبحرين، المتمثّلة بسياسات الإقصاء والتهميش، والأوضاع الاقتصاديّة والسياسيّة والقبضة البوليسيّة، ومصادرة حريّة الشعب، تستلزم صحوة ذهنيّة وظرفيّة وزمانيّة عند العقلاء بالنظام البحرينيّ، ليقفوا بجانب الحقّ ويعملوا على إعادة ترتيب البيت الداخليّ البحرينيّ، وليبعدوا البحرين وشعبها عن مسار تقاطعات الفوضى التي تعصف بالإقليم العربيّ وبالمنطقة ككلّ.

فإنّي أدعو هؤلاء العقلاء أن يأطروا ويبنوا مسارًا جديدًا لعمليّة الإصلاح، بالشراكة مع قوى المعارضة البحرينيّة، التي ستحفظ دولة البحرين من عواقب أيّ فوضى مقبلة متوقّعة مستقبلآ فيها مع ما فيها من مخاطر، لأنّ التعنّت ومحاولة تأجيل مسار الإصلاح وربطه مع ملفات أخرى عالقة بالإقليم لن يفرز إلا الفوضى والمزيد من الفعل وردات الفعل.


هذه دعوة لعقلاء النظام الحاكم البحرينيّ، أن يحافظوا على استقرار البحرين، التي نتمنى لها الرغد لتعود كما كانت، فهي مازالت منارة وفخرًا وشموخًا لنا جميعًا، ولكلّ أبناء شعبها المعطاء، ورسالتي لكلّ أطياف المعارضة أن يبقوا على نهجهم السلميّ الذي عوّدونا عليه للمطالبة بحقوقهم. من هنا سننتظر أن تقدّم السلطة الحاكمة بالبحرين تنازلات عقلانيّة تخدم طبيعة المرحلة، وننظر في المقابل من المعارضة أن تقدّم هي الأخرى بعض التنازلات العقلانيّة، التي بمجموعها ستوصل البحرين إلى شاطىء الأمان، لأنّ أيّ مسار فوضويّ آخر سيكون هو الأخطر على مسيرة البحرين، وسيكون له عواقب كارثيّة على الجميع ……

* كاتب وناشط سياسيّ- الأردن


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014083741


المواضیع ذات الصلة


  • الشهيد أحمد اسماعيل.. «ما لم توثّقه العدسة»
  • الكمائن المفضوحة للن­ظام في محاكمة الشيخ عيسى أحمد قاسم.. سمٌ وعسل!!
  • فورمولا الدم من جديد… سباق في ضيافةِ مستبدّ..
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *